يعبرُ مستشفى الجامعة الأردنية في هذه الأشهر عامه الأربعين وهو أكثر ما يكون اعتزازاً بالمستوى المرموق الذي وصل إليه بفضل الثقة التي منحها إياه المواطن الأردني والعربي بفضل الرعاية الطبية والعلاجية المتقدمة والنوعية التي يقدمها للمريض في مختلف الحقول والتخصصات، ويواصل المستشفى مسيرته الخيّرة المعطاءة بأربعين عاماً حملت في طياتها الانجازات تلو الانجازات رغم شح الموارد وكثرة العقبات، حتى وصل المستشفى إلى مراحل متقدمة من التقدم والتطور التكنولوجي في خدماته العلاجية والصحية والطبية، مدعّمة بأوسمة فخار يعلقها على جدرانه ويطبقّها ثقافة وممارسة بأيدي أمهر الكوادر من طبية وتمريضية ومساندة، إنها شواهد حيّة على محطات التميّز التي انتهجها المستشفى والتي توجّت بست شهادات دولية ووطنية في جودة الرعاية الطبية والصحيّة والخدماتية والفندقية ومأمونية بيئة العمل.

وإن كان لي أن أفُضي في هذه العجالة بعضاً من المشاعر والحقائق حول مستشفى الجامعة فإن أول ما يتبادر إلى الذهن الجهود والخطى الثابتة والجهود التراكمية التي بذلها الأوائل سواءً الراحلون منهم أو الذين ما زالوا سيرة عطاء وبذل للوطن في سبيل رفعة هذا المستشفى وتقديم الخدمة للمريض والمراجع.

وقد بدأت هذه المسيرة بصدور الإرادة الملكية السامية بإنشاء مستشفى عمان الكبير في الأول من كانون ثان عام ألف وتسعمائة وواحد وسبعين، حيث تفضل جلالة المغفور له -بإذن الله- الملك الحسين بن طلال بافتتاحه رسمياً في الثامن والعشرين من نيسان لعام ألف وتسعمائة وثلاثة وسبعين، ثم ضُم بإرادة ملكية سامية إلى الجامعة الأردنية عام ألف وتسعمائة وخمسة وسبعين ليصبح اسمُه (مستشفى الجامعة الأردنية ).

ومن ذلك التاريخ كانت المظلة والمرجعية هي الجامعة الأردنية الرمز وأول بيت وضع للتعليم العالي في الأردن فقد حرصت الجامعة الأردنية على دعم مسيرة المستشفى احد ابرز وحداتها ليتقدم بخطوات واثقة في مجال تقديم الرعاية الطبية والصحية المتخصصة والخدمات العلاجية الشاملة وتدريب الأطباء وتشجيع البحث العلمي وتوفير فرص الدراسة والتدريب لطلبة الطب والتمريض.

حددت الإرادة الملكية السامية أهداف المستشفى في تقديم الرعاية الطبية المتخصصة والعامة، وتدريب الأطباء، وإعداد الاختصاصيين في مختلف فروع المهن الطبية، وإجراء البحث العلمي الطبي وتشجيعه، وتوفير فرص الدراسة والتدريب المتخصص لطلبة الطب والتمريض والمهن الأخرى إضافة إلى المهن الطبية المساندة.

لقد واكب مستشفى الجامعة مسيرة الوطن العزيز بكل مراحلها في أوقات الشدة والرخاء فكان خير مركز طبيّ أمني وطني يقدم خدماته لكافة شرائح الأردنيين من مؤمنين وغير مؤمنين وللمجتمع العربي الواحد يداً بيد مع كافة مؤسسات الوطن الصحيّة والتعليمية يؤدي رسالته في تقديم خدمات طبية مميزة ذات جودة عالية وذات طابع عام ومتخصص بتوازن مع برامج التعليم والتدريب والبحث العلمي، يرنو إلى رؤية جادّة في أن يكون مركزاً ومرجعية لتطوير وتقدّم التعليم والتدريب الطبي والبحث العلمي والرعاية الطبية العلاجية والوقائية لخدمة المجتمع المحلي ولتوجيه المؤسسات الصحية في الأردن والمنطــقة ككل .

واليوم مستشفى الجامعة الأردنية يضاهي أرقى الصروح الطبية العالمية تقدماً وتطوراً, فهو يحتوي على (64) تخصصاً طبياً مختلفاً، إضافة إلى التخصصات الطبية الرئيسة والكادر الطبي المؤهل تخدم جميعها مرضى أردنيين وعرب وأجانب مرحب بهم في مستشفى الجامعة يتلقون رعاية طبية مميزة، كما ويقدم المستشفى خدمات العلاج السريري والعمليات الجراحية والعلاج التأهيلي والطبيعي، وكذلك خدمات الطوارئ والعيادات الخارجية وعيادات طب الأسرة وعيادات الأسنان والفحوصات المخبرية وبأعلى درجات الدقة والتميّز فضلاً عن تميزه في عدد من الإجراءات الطبية التي يقدمها متفرداً فيها من أهمها (العلاج الجراحي للصرع، وجراحة الدماغ والأعصاب المختلفة، الخلايا الجذعية لعلاج المرضى، ومعالجة الأحمال عالية الخطورة وجراحات القلب والأوعية الدموية، ومعالجة العقم والكثير الكثير من الخدمات العلاجية المتميزة الأخرى.

ويسعى المستشفى للمحافظة على استمرارية التواصل المثمر مع المؤسسات الصحية العربية والأجنبية من اجل المحافظة على العلاقات التعاونية وتبادل الخبرات والمعارف ، فيما يتعلق بتقديم الرعاية الصحية وفق أعلى مستويات الرعاية الصحية وسلامة المريض فهي مدار اهتمام جميع الأطباء الذين يعملون في هذا الصرح الكبير، حيث أن الخدمات التي يتم تقديمها في كل مباني المستشفى والعيادات الخارجية والطوارئ يشرف على مستشفى الجامعة استشاريين يساندهم فريق متخصص من التمريض والصيادلة والفنيين والإداريين يصل عددهم جميعاً إلى حوالي (2665) موظفاً.

لقد حرص مستشفى الجامعة وهو أول مستشفى جامعي تعليمي في المملكة الأردنية الهاشمية ومن الأوائل على مستوى التعليم الطبي الجامعي في الوطن العربي، على تقديم كل ما ينهض بقطاع التدريب والتأهيل، فهو يدرب طلبة الكليات الصحيّة في الجامعة الأردنية من طب بشري وطب الأسنان والتمريض والصيدلة وعلوم التأهيل إضافة إلى تكوين الاختصاصيين حيث يوجد حالياً (246) طبيباً في برامج الإقامة للتخصصات الطبيّة والجراحية المختلفة.

وقد تدرب في المستشفى (17279) طالباً وطالبة من مختلف الكليات الصحيّة في الجامعة الأردنية لدرجات البكالوريوس والماجستير والدكتوراة، منهم (3092) طبيباً في درجة البكالوريوس و(1143) اختصاصياً من الأردن والدول العربية، و (2011 ) طبيب وطبيبة أسنان و(5928) ممرضاً وممرضة، و( 4035) صيدلانياً ، و(1070) طالباً في مجالات علوم التأهيل.

ولا بد لنا حين نستعرض مسيرة الأربعين عاماً لمستشفى الجامعة أن نقرن الانجاز بالأرقام فالمستشفى اليوم يحتوي على (544) سريراً، و(64) تخصصاً طبياً ويقوم على مراجعته سنوياً حوالي نصف مليون مراجع أي ما نسبته (9%) من سكان الأردن سنوياً، فيما يجرى في المستشفى خلال العام قرابة العشرين ألف عملية جراحية، وقد وصل معدل الإشغال عام 2012 إلى (68%).فضلاً عن تعليم وتدرب الطلبة في العلوم الصحيّة كما ويدرب كافة الطلبة في مختلف الجامعات والمؤسسات الصحيّة التي ترتبط باتفاقيات تعاون مع المستشفى.

إنّ تميّز مستشفى الجامعة الأردنية في مجال التعليم والرعاية الصحية لا يلغي دوره كعضوٍ فاعل في مجال الخدمة الاجتماعية، حيث أنه يقوم بتنظيم العديد من الأيام الطبية التطوعية لخدمة المناطق النائية ومناطق جيوب الفقر فضلاً عن مشاركاته في الحملات الصحيّة بالتنسيق مع وزارة الصحة والهيئات المختصة في حملات التطعيم وفي مجالات رصد الأمراض والأوبئة وما إلى ذلك بما يخدم القطاع الصحي الأردني بأسره.

ويبقى النجاح والتميّز حليف هذا الصرح الطبي العظيم الذي أراده الراحل الكبير وتابع مسيرته الملك المعزز عبدالله الثاني ابن الحسين المعظم وقد شرّف جلالته هذا الثرى بزيارة ملكية تفقدية سامية كانت في السابع والعشرين من شباط من العام الماضي فكانت خير زيارة شحذت همم العاملين في المستشفى لما فيه استمرارية النماء وتقديم الجهود القصوى بما يخدم المرضى والمراجعين.

كثيرة هي المعارك التي خاضها المستشفى والعراقيل التي اعترضت مسيرته على مدار الأربعة عقود ولكن عزيمة الشباب من أبناء المستشفى وكوادره والغيورين على هذا الصرح كانت على الدوام سر نجاحه وكان التفاعل البنّاء المثمر ما بين المستشفى وجمهوره من المرضى والمراجعين هو الذي يمده بالنماء والازدهار ويدفعه إلى تحدي العوائق والمثبطات .

بقي أن نقول سنعمل ما وسعنا الجهد ... وندعو أصدقاء المستشفى وكوادره المعطاءة الخيرة أصحاب الأيادي البيضاء والقلوب البيضاء وكافة الأردنيين الشرفاء أن يعضوا بنواجذهم على مصلحة مؤسساتهم وان يجزلوا لها العطاء وان يبذلوا قصارى الجهود ليضل مستشفى الجامعة الأردنية في الطليعة إلى جانب كافة المؤسسات الصحيّة صرحاً وطنياً وطبياً نفتخر به أمام العالم أجمع.

وفي الختام نشيخ ونكبر ومستشفى الجامعة في ريعان الشباب... فالي هذا الصرح نهدي أربعين شمعة وبطاقة حب

articles // <![CDATA[ _spBodyOnLoadFunctionNames.push("setupPageDescriptionCallout"); // ]]>

articles